23‏/09‏/2008

إلى بلاد اليمن السعيد (2)

منذ لحظة وصولنا إلى منطقة " الطوال " المشتركة بين المملكة واليمن أي خط الحدود بينهما, وأثناء توقفنا في جمارك اليمن ونقطة التفتيش الرئيسية, ويالها من نقطة " تفليش " ! مجرد منطقة مرتفعة من الأسمنت ترتكز عليها بعض الأعمدة من جميع الجهات لتحمل ذاك السقف المهترل ومن بين جنباته بشر.. نعم والله بشر تراهم ترثي لحالهم. ربما حال عمّال النظافة لدينا بأحسن حال عنهم ! أجسام متهالكة وقد أعياها التعب, ثياب مهترلة أكلتها السنين.. تحدق بعين الواحد منهم فتقرأ قصة آلامهم وصبرهم على مدى الدهر. هم حقيقة لا يبحثون عن بضاعة مهرّبة أو بضاعة تعدت للمستوى التجاري أو شيء من هذا, لا ! .. لا ترى آلة واحدة في المكان ولا كلاب بولسية, إنما هم بذاتهم. يعملون بأياديهم ولعلّهم راضون بذلك, لا سيما مبدأهم المعروف.. " البقشيش ",
إما أن تدفع لنا بقشيشاً ونحملك على العين والرأس أو أن نقلب لك شنطتك رأساً على عقب.. وي كأن حالهم يقول " ادفع بالتي هي أحسن ! ". نعم لا تستغربوا أحبتي فماهم إلا ذاك الشبل من هذا الأسد.. إذا علمتم أن دورة حياة هذه البلاد في الغالب والأنظمة الحكومية على وجه الخصوص تسري على هذا المبدأ بالإضافة إلى فيتامين " و " ! , بالطبع مبدأ " إدفع ".. لا تستقيم قائمتك وأنت تعتمد على نفسك وأنظمة هذا البلد, ستتعب كثيراً وبالنهاية قد لا تجد حلاً ! صحيح من أنها رموزاً بسيطة قد لا تعني الشيء الكثير لكن تظل ظاهرة اجتماعية خاطئة وأيضاً قبل ذلك فهي خطيئة دينية.
لعلك تبادر بنفسك بإعطاء " هدية " قبل أن يطلبها منك !.

عموماً فهذه الظاهرة وغيرها مثل
استخدام " الوسائط المتعددة ! " يغلب ظهورها في الأعمال الحكومية وتخليص بعض الأمور الرسمية, لذا لا زال في البلد خير وأهله كذلك وتعرضنا لكلا الفرقين والحمد لله هناك الكثير من معادنهم طيبة لا يقفون عن تقديم يد العون والمساعدة لمن يعرفونه ولمن لا يعرفونه.




تحليلي لظاهرة " البقشيش " عدة أمور:

- الدخل المعيشي في متوسط أهل البلد لا تكفي حاجتهم. وعندما أقول لا تكفي لايعني أنني أريد سيارة فارهة ولا أستطيع شرائها ! أو بناء فلة متكاملة ولايوجد لدي المبلغ لذلك ! .. الحاجة المقصودة هي أساسيات كل منزل بمتطلباته, وكل أسرة وحاجاتها اللازمة.

- وعي الشعب لازال منخفض تجاه أي أمر دخيل, سواء كان سيء أم جيد يتميز أهل اليمن بتشبثهم بعاداتهم الأصيلة مهما تغايرت عليهم الظروف وهذه نقطة تعجبني ولا تعجبني.. فعندما يصبح الأمر معادياً لعادة سيئة - طبعاً في نظر غيرهم - يصبح الأمر عقيماً في إزاحة ذلك, أرى أن الحكومة تعاني فعلاً في الارتقاء بالشعب ولو لخطوة. بالمقابل ستجد أن الحكومة تعاملهم بمثل ذلك ايضاً !

- من خلال النقطة السابقة ترى أن المجتمع مرقّع بألوان مختلفة, تذهب لمنطقة ما تجد ذاك التطور وبعض الأماكن الراقية ما إن تجتاز بعض الخطوات إلا وترى حالاً مغاير عن سابقه ودونه في المستوى, لذا تجد أيضاً أن الشعب يتوزع بطبقاتها في جميع الاماكن دون تحديد.


نتابع في الأجزاء القادمة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق