قبل عدة ايام، استوقفتني عبارة رائعة جاءت من مايسمى بخلف بيل جيتس "ستيف بالمر" حضرمي الجنسية :D .. احم اقصد امريكي الجنسية بالطبع. وهو من الافراد القلائل الذي ظل ملازما لجيتس ولمايكروسوفت من فترة شبابه حتى اليوم، وعلى انني لا شعورياً ولا ادري ما السبب في كرهي له ولصلعته! وخطاباته، ولعل البعض يشاطرني الشعور. إلا انه في احد التصريحات الاخيرة له قال فيها جملة تستحق فتح آلاف الصفحات تعبيرا عنها ولدقتها. يقول ستيف -بحسب ترجمة الموقع للخبر-:
“ الوقت لم يعد مناسبا لأن يدفع المستخدم 500$ لوضع شعار شركة على حاسبه ”وبغض النظر عن فحوى العبارة ومغزاها لشركة ابل، الا انها توضح حقائق غائبة عن البعض.. والبعض ترى أنه يفعلها لا شعورياً!. ستيف كان يتكلم عن مدرسة الأزمة الاقتصادية العالمية والتي مرت ولا زالت, وكيف أنها نبّهت البعض إلى أن قد حان الوقت لكي يبحث الشخص بنفسه عن مايقدم مايعطي سعره أداءه, وما يلبي الحاجة دون ترف واهتمام ببعض الافكار التافه التي لاتزيد شيئا من قيمة المنتج بشكل حقيقي.
ذكرتني عبارته هذه بتجربة سابقة لي قبل شهر تقريباً, كنت قد عزمت على نشرها هنا. لكن رأيت أنها لا تستحق ذلك, ونسيت الموضوع.. والآن أرى أن الفرصة مناسبة!
القصة كانت قبل رحيلي الى ارض اليمن تقريباً, جهازي ورفيق دربي الذي لا أفارقه.. مشغل الملفات الصوتية "MP3"من سوني (NW-E016F/B) الذي كان ولازال من أعتى المشغلات الصوتية ومن أفضلها حتى الآن, إلا أن الشركة أحالته للتقاعد بعد صيت مشرّف.. واستبدلته للأسف بما هو اقل منه حتى تنقل المستخدم إلى مشغلات الـ MP4 الحديثة والراقية منها. عموماً, السماعات المرفقة مع المشغل تعطلت بعد ان استعاره شخصا مني -لاتعير امور كهذه لاحد!-. ورجعت لي بإذن واحدة والأخرى لا تعمل :(. قمت بشراء سماعات اخرى بعد ذلك مما لا تتعدى اسعارها طيف الـ 3 دولارات فقط. وكان الفرق بين ماكنت اسمعه وحين استخدامي للجديد كبير جداً, كنت قبل شرائي للمشغل لا افرق بين سماعة واخرى واقول لنفسي: لماذا يشتري البعض شيئاً مكلفاً في حين توافر ماهو ارخص ويؤدي نفس الغرض! عرفت ذلك الآن..
فقررت المخاطرة بشيء مكلف, وليس مكلف بحسب تصوركم.. بل بحسب تصوري آنذاك. كان الشيء المكلف في نظري سماعة لا يتجاوز سعرها الـ 50 ريال بالكثير (14$)! وكنت افكر كثيراً قبل مجازفتي بهذا السعر لأنني لن أقوم بشراء واحدة وحسب بل اثنتين لي ولصاحبي مع شراء مقسم للصوت لنستمتع سوية! خبرتي كانت شبه سطحية جداً ولازالت الآن مع تغير طفيف فقط, ذهبت إلى سوق البطحاء وعُرضت عليّ العديد من الخيارات ومن ماركات مشهورة.. لكن الشك كان ملازماً لي ولم اثق في اي منها ولا أدري لماذا.. فجاءت الفكرة, وماذا كانت؟.. نعم, سماعة من ماركة "سوني"! كنت أقول: "لن أجد رفيقاً مناسب لمشغلي إلا من سوني فقط, بالطبع سألقى الجودة والدقة وشيء كما يقال للزمن!." ركز أخي من أنها اسنادات ليست مبنية إلا على صورة مثالية بمخيلتي عن SONY! فذهبت هنا وهناك.. واعجبت بمنتج رائع يسمى بـ MDR-E10LP
كانت مميزة بأشكالها وألوانها, ونوعية سلكها المطاطي الجيد ولا أنسى المهم أيضا.. كلمة "SONY"!, وتعتبر من الفئة الدنيا للشركة.. لكن كان سعرها كبير علي, 50 ريال سعودي للواحدة من نفس الوكالة. قلت لصاحب المحل سأخذ "حبتين" فأرف بحالي!.. وكعادة اي قائل, هذه سعر وكالة رسمي من الشركة غير قابل للنقاش. المهم تركته لابحث عن نفس الموديل من افراد اخرين استطيع مكاسرتهم. وقعت على محل بسيط لديه اربع حبات فقط من هذا الموديل, ومن هنا وهناك إلى 40 ثم أخيراً إلى 35 وقت الدفع! ليكون المجموع 70 ريال لاغير. شكرته وخرجت وكلّي بهجة وسرور.. وما يدريك! لقد قمت بشراء سماعتين بـ 70 ريال!! وقلت إلى الأبد إن شاء الله. لا أنكر حقيقة حين وضعي لها على اذني وحصولي على جودة رائعة ومماثلة استعدتُ معها ذكريات سماعتي السابقة بل اعتقد بانها تكون افضل منها في مستوى الهيرتز والصوت الخفيض. قضيت معها أربع أشهر خير رفيق تحمّلني خلال رحلتي الى بلاد اليمن ومن بعد ذلك الى الهند وقبل ذلك في موطني الرياض. حتى تبدد الحلم, فبعد وصولي إلى الهند بشهر تقريباً بدأت أحد الجهات تتقطع في عملها! واحتاج الى تحريك سلكها لكي اضبطها. حتى انقطعت الاشارة كلياً عن احد الجهات واحتاج الى مصارعة مع طرف السلك حتى تعمل. فتركتها وانتقلت للأخرى وفي القلب حزة.. وهنا الوصمة الثانية, تعطلت نفس الجهة بعد اسبوع فقط! وي كان الكل قد تبرمج بفترة معينة ثم يتعطل بعدها! فرضيت بسماعي لجهة واحدة, لكن ما لبثت أن تعطلت الجهة الاخرى ايضا بنفس التدرج.. حتى تعطلت كلا السماعتين كلياً! وهنا ازداد غيضي وقلت والله لن أصمت عن هذا. فاستقصيت ارقام مراكز سوني بالهند وراسلت كل جهة ومن كل حد وصوب, برسائل البريد والرسائل الحية (Chat) وحضرت بنفسي إلى مركز خدمات سوني بالهند ومعي ورقة من الدعم الفني بأمريكا يخول لي استبدال السماعات, نعم كنت اعرف ان هذا مستحيلاً.. فقد كان الدعم الفني يخاطبي وكأنني موجود بالولايات المتحدة ولم يتنبه الى انني بالهند. اتيت المركز, وأخبرتني الموضفة بحملي ضمان للسماعات؟ قلت لا من أين لي أن احتفظ بضمان للسماعات! ذهبتَ بعد ذلك الموضفة للنقاش مع المشرف.. واخبرها من ان السماعات اصلا لاتحمل اي ضمانات. وعليه ان يشتري واحدة جديدة! جاءت لتخبرني بذلك وقلت بعصبية: لقد اشتريت واحدة وتعطلت في زمن قصير لا يتجاوز الستة أشهر, ثم شريت اخرى وتعطلت في نفس الوقت وفي نفس الجهة والمشكلة, فكيف لي أن اقوم بشراء واحدة ايضا وانا اعلم من انها ستتعطل بعد فترة لا تتجاوز الاربع اشهر! اخبرني المشرف من انها مشكلة معروفة ولا تكون ضمن بند اي ضمان لان التعطل ممكن في حالة الاهمال وشد السلك لفترة طويلة, وقال انها هناك الكثير من الاشياء التي تكون خارج عن نظام تغطية الضمان مثل بطاريات الاجهزة المحمولة لانه مسلّم بتعطلها مع مرور الزمن. قلت له هذه بطاريات ليثيوم تعتمد على المغناطيس وامور اخرى تضمحل مع الزمن وهو امر مفروغ منه.. اما ان اقوم بشراء سماعة سعرها في نطاق الـ 15$ - لا تدققوا :)- وبنفس الوقت كان بامكاني ان اقوم بشراء اخرى من شركات اخرى افضل منها وبنفس الفئة السعرية! هل هذه الجودة التي تتبجح بها سوني! سماعات لاتدوم حتى السنة فقط ثم احتاج لتحريك سلكها لكي تعمل, وغيرها من أبو "كلب" إلى الآن تعمل باستقرار بغض النظر عن الجودة الردئية فيها! قمت بعمل مناوشة كبيرة في ذلك اليوم في المركز وتجمع العالم وقصدت حقيقة تكرير عبارات مثل: هل هذه جودة سوني التي تنادي بها, اومثلاً: انا كنت اثق بسوني لانها كانت الافضل لكن من الآن فلا!. شعرت أن شخص ما سيقول لي بالله خذ هذه الـ 15$ دولار واشتري واحدة اخرى هههههه. تخاطبت مع مديرة الفرع والمركز الاقليمي بالهند وكل عباراتهم بعد سكوت: Buy a new one!. فأغلق السماعة في وجه المتحدث.
التجربة هذه, جعلتني اقرأ الكثير عن عالم السماعات من هنا وهناك.. وأفادتني في رسم صورة أفضل. اكتشفت بعدها من أن بعض سماعات سوني وبالأخص الصغير منها او ماتسمى بالـ In-Ear Stereo Headphones تعاني من خلل مصنعي في طرف كيابلها أو أسلاكها. فالعطل لم يكن من منطقة السمع او ارتباط السلك بها بل كانت في المنفذ الذي يكون بمقياس 3.5mm. وسوني حاولت كثيراً في التخفيف من ذلك من خلال اضافة أسلاكاً مغلفة بغطاء مطاطي يخفف من آثار السحب المتكرر. وقد قرأت الكثير من المراجعات في متاجر البيع العالمية كـ أمازون Amazon.com. ووجدت أن كذا منتج يشكي اصحابه تعطل جهة ما من السماعة بعد فترة. برغم أن بعضها يتجاوز سعره الـ 100 ريال سعودي (30$). سماعتي السابقة التي أرفقت مع مشغل الإم بي ثري والسماعتين الحالية التي معي, لا أظنهما تخرجان من العيب المصنعي التي يشكو بها البعض, ولإثبات ذلك قمت بعمل تجربة بسيطة بما أن جميع سماعاتي معطلة وأصبحت خردة لا فائدة منها. قمت بقطع الطرف أو المنفذ من أحد سماعتي MDR-E10LP, لدي سماعة مؤقتة شريتها من الهند بـ 130 روبية, أي 10 ريالات تقريباً.. قمت بقطع طرفها أيضا, وذهبت لأحد مصلحي الإلكترونيات ليقوم بتلحيم المنفذ الجديد إلى سماعتي المتعطلة MDR-E10LP. لم تأخذ العملية أكثر من دقائق ورجعت سماعاتي للعمل مجدداً! وبأحسن حال لأن المنفذ الجديد مطلي بالنحاس الذي يزيد من سرعة التوصيل ويضمن عدم فقد لأي اشارة. ربما الشكل اصبح بعض الشيء قبيحاً خصوصاً مع اختلاف الالون (منفذ بسلك اسود, وسماعة بسلك أبيض) لكن يبقى أن تجربتي ناجحة في إثبات الخلل التي تعاني منه السماعة وبحل اقتصادي على الأقل أفضل من شراء واحدة جديدة!, لذا فالمشكلة ليست تقنية بقدر ماهي مشكلة في الجودة ذاتها.. برغم لو انك تمعنت في النظر لمنافذ سوني بعد ازالة الطبقة عنها لوجدتها مصنوعة بشكل دقيق وصلب ومتين تكاد تقول لنفسك مستحيل أن تتعطل هذه. لكن هذه حال الدنيا لا تدوم لأحد ولا تكمل لأحد :).. ومن يدري لعلّ سوني من جهة أخرى مستقصدة لذلك بالمصطلح المعروف في عالم الصناعة "Planned obsolescence" أو "الرداءة المقصودة".
الشاهد هنا:
قبل أن تشتري.. اقرأ وابحث واستفد من تجارب الآخرين. بعد ذلك حكّم نفسك في الإختيار, على الأقل أن يكون اختيارك مبني على اساس صحيح وليس باساس عاطفي وحسب. هناك شركات تبيع لك اسمها ايضا حين شراءك لمنتجاتها وهذا ما لايقدم لك الا صرف أكثر في مقابل لا شيء.
-----------------
الموضوع التالي سيكون بعنوان: انطلقنا!
السلام عليكم /
ردحذفجزاك الله على النصيحة وتوضيح المغزى :)
الوقت لم يعد مناسبا لأن يدفع المستخدم 500$ لوضع شعار شركة على حاسبه
ردحذفلو كان ستيف يقصد ابل ! فهو مخطئ على كل المقاييس !
فبشرأك الماك انت لا تشتري جهاز حاسب عادي كأي جهاز...انت تشري التقنية..انت تشتري الجودة..انت تشتري جمال الجهاز...انت تشتري الراحة..وفي الاخر انت تشتري نظام لا يمكنك اسعماله في اي مكان اخر في العالم الا على هذه الاجهزة...
انا املك الماك بوك الاسود..ولم اتعدى ال ٨ اشهر من شرائه...
لم اعاني فيها من فيروس !
لم افحص جهازي ضد فيروس او ملف تجسس او ملفات ضارة !
لم اقم بتشغيل اي برنامج لتنظيف الجهاز والملفات المؤته !
شكل جميل ونحيف مقارنة بمن في فئته من الاجهزة..ويحسدني كل من يراه...
نظام لم ارى ثابت بمثل ثباته...
تقنية لا تجدها في جميع الاجهزة الاخرى... سلوت سوبر درايف - واير لس N - تراك باد متقدم وكبير - كيبورد متباعد الازرار ومريح في الكتابة - ٤ ساعات من العمل المتواصل على الجهاز مع الواير لس بدون شحن - وفي النهاية نظام لا مثيل له !
كل هذاه المواصفات في جهازي القديم ! فما بالك بالماك بوك الجديد وتقنياته ؟؟؟
هل رأيت ما يمكن ان تحصل عليه بدفعك ٥٠٠ دولار غير وضع شعار الشركة على الجهاز !