28‏/02‏/2009

خاطرة..

لم أتوقع يوما من أنني سأستقبل أحد إلى الهند وأيضا أرجعه منها في غضون أسابيع لا تتعد الشهر الواحد! لا أدري ينتابني شعور بالذنب والتقصير وبنفس الوقت أقول لنفسي بذلنا قصار جهدنا لكن قدر الله كان أسبق، ومن يدري.. لعل الله بحكمته وخيره المطلق أراد له الخير من ذلك، فنحن معشر البشر لا نعرف ولا نسمي شيء ما بالخير إلا في ما يظهر لنا أمام أعيننا المحدودة، وإلا فالخير الباطن والشر كذلك لا تعي شذرات منه سوى عقولنا التي ألهمنا الله إياها ولو شاء الله وكشف عنا حقائق الأمور لذابت قلوبا محبة لله ولكن قل الواعون.

لا أدري ما أكتب حقيقة وأنا الآن أكتب كلماتي هذه من نفس الحافلة الصغيرة التي جئنا معا قبل عدة أسابيع لإستقبال أخينا، منظرها ومنظر المطار الذي سأشاهده للمرة الثالثة تفتح مجسات راكدة في قلب كل مغترب ولسان الحال يقول ومتى سيحين موعدي أنا؟!

صدقا, الحياة في كل يوم تعلمنا درس من دروسها بعضها يكون صعب استساغته ويثقل حمله, لكنها تصقل الرجال!

05‏/02‏/2009

جهادا كبيرا !




"يعيش في بيت أهله، آمن في سربه، عنده قوت يومه"

معان عظام والله لا يدركها إلا من فقدها أو افتقد إليها، نحن معشر المغتربين عن أوطانهم لا سيما من مروا بارتشاف أقرب الأماكن من تجسد تلك المعاني الرائعة. يذوبون شوقا في تمني حصولهم على يوم أو حتى ليلة تجمع كل هذه المعاني حين تذكرهم لها، الكل يرى بنظرته من تسجد من. منهم من يصور دولته ومنهم مدينته ومنهم الحارة التي يقطن بها بل وحتى منزله !

العبرة هنا ليست بالأماكن وحسب، بل يلعب التأثير النفسي والمشاعر الراكنة في القلوب الحصة الأكبر في الإختيار

حين تفقد بعض من هذه المعاني بالنسبة للمسلمين، حينها تبدأ مسألة الصبر والإحتساب وأي أمر آخر يدخل فيما أسميه بدائرة "الجهاد"، البعض لديه حساسية من هذه الكلمة أو قد يقول أي جهاد تتحدث عنه والمسلمين في غزة يضحون بدمائهم وأنفسهم!

أقول ومتى كان ذهاب الصحابة للجهاد الأصغر من الأكبر، بل متى كان تفضيل المجاهدين من القاعدين. البعض نظرته للأمور جدا بسيطة،وإذا خاطبك تجد بأن حديثم من وراء جدر!

ما قمية المرء حين يضيع جوهره، ويفقد كل خصيصة للولاء والبراء، وكل ذرة انتماء!

بل الأسوء أن يمثل في نظر البعض بأنه أحد سفراء هذا الدين،

فتمر كل أنواع المنكرات على أسهل الأطباق وصولا إليه بدءا من الصغائر وحتى الكبائر ولا أكبر وأبشع من الشرك بالله وحين كونك مجرد متابع للشرك وأهله، في كونك متابع لأعظم الظلم والضلال، في كونك متابع للمعصية التي أبى ربنا أن يغفرها ويغفر ما دون ذلك!

فتتعامل معهم والقلب يبدي شواظا من نار، وحرقة لا يهدئها إلا حين ترى سمات النور وأصحابه، وحين يكون ركوعك وسجودك معهم لجهة واحدة وبقلب واحد.

فلست أنت هناك سوى المتابع المكلب، لا تتحرك إلا بما يسمح لك ولا تتفوه إلا بما يجال لك

ثم بعد ذلك..
تضل الأسد الصامد الموحد، إن زأر زادك إيمان وأمل وثقة، وإن حرك ساعديه حرك فيك كل معاني العزة والكرامة، وإن أدمعت عيناه فاضت عيناك قبل تدلي قطرات من أدمعه.

الكل يستطيع أن يتفوه ببعض كلمات البسالة والصمود، لكن قليل جدا من يضل كذلك حين تساق إليه أبسط الشدائد. قد ترى مواقف مشرفة من من قد قصر مع نفسه وربه لكنه أعظم في صموده أمام غيره.

يا من تعلقت جذوره بأساسات رخوة ضحلة تميل لطيبها ودنيها، ثم يتعذر بهواه ومجتمعه، أو يصبح كتلة انفعالات مؤقته بين أقرانه وجماعته.

ما أنت فاعل حين تكون على ثغر من ثغور هذا الدين الظاهر، ما أنت فاعل حين توضع موضع الشبهة الغريبة لتجد نفسك فجأة وحيد ميدانه!


هنا تبان حقائق الحنظل والعود، وهنا تشمر الوجوه عن سواكنها..

وهكذا يبتلي الله من عباده من شاء، فكن مستعدا حين أن يتقرر دورك!